dimanche 23 décembre 2007

انتظار

يا سادة العاشقين
هل صار عشكم رمادا
ام صرتم يا سادتي
في مدائن العشق
صامتين
صباحات المساء تأتي
امطار الليل تنهمر ...
وشباك ... مفتوح لنا ...
يا سادة العاشقين ....
حبنا الخريفي يا حبيبتي...
يموء في داخلي ...
كل ليلة دفئ...
كقط جائع ...
بين المزابل يموء
وأمطار الليل
والريح عاصفة ...
ونحن في بحر الهوى صامدون
وعلى أرواح شهداء العشق نصلي
وننتظر كل لحظة عشق
نحن فيها صادقون
وسلام على شهداء
ذبحناهم من الوريد إلى الوريد ..

المصير

القلب أضناه هذا الظمأ ...
و حبي قد اضحى من الجثث ...
و قدري ... لا ادري ...
إلى اين يسير ؟
و انا من أنا ؟
صاحت انا ...
قالت انا ... أين انا؟
أيا حبا بلا امل ...
و يا قلبا شرايينه من الزبد
و دموعه من دمي
أي وطنا بلا وطن
و يا أما بلا ابن
أين الامومة فيك
وأين جراحي التي ... أ سالت دمي
و دموعي لها انسكبت
آه منك ومني..
آه من قلب بلا امل...
أنت التي آمنت بها...
وانت التي آمنت بها
و انت التي كفرت بنا
ساذهب إلى الله حيث أنا
وحيث الماضي بلا ماض
سأذهب إلى الريح
و إلى الإعصار
فلياتني الله بذاك المصير
ولتأتي فتاة الاعاصير
فتاة التراتيل..
فتاتي ...فتاة المصير..
تاتي جراح ... وجراح ...
تاتي فتاة لذات خريف
تسير وتسير...
فإلى أين المصير ؟
حرام علي... وحرام عليك
حرام ان أقتل الله قبل ان يولد..
وقبل ان يحي
وقبل ان يموت
فإلى الجحيم المصير...
شعري
نفاثة سيجارة جارت علي
فإلى النار المصير
وإلى النار أصير
يجذبني إليك حنين وحنين
تسحرني فيك جنان ... وجنان
تاخذني منك أقدار و أقدار
فيا قدرا ...
و يا حبا بلا امل
ماذا اقول للنجوم إن سألتني
ماذا اجيب السماء والبحار...
والكواكب والأقدار
أنا.. يا أنا..من انأ ؟؟

الربيع

حينما يحل الشتاء....
وتغرب شمس الاصيل...
اغمض عيني ..
لاذكر ما كان منك
فلا اجد من الذكرى
سوى المرار
و سوء القرار
و اعود إلى ذاتي الكئيبة
بنفس حزينة
و قلب جريح
آه ما أشد عذابه
و ما امر حياتي...
قال : ..
حينما يحل الربيع
وتشرق شمس الصباح
و تزهر ورود قلبي
افتح عيني
لابحث عنك
بين الورود
و حول البساتين
و اجدك
داخل بستان وردي
سياجه العشق
و بابه انت
و ذاك بستان قلبي
دونك يظل بلا باب
دونك ما فائدة السياج
ما فائدة العشق
فإذا ما نظرت إلى الوراء
حتما كان قلبي حديقة جرداء
وكان شعري صيحة في الفضاء
فبين قلبينا..
متى يكون اللقاء

قالت لمن هذا الكلام؟
و أضافت ...
لا , لم ولن يحل الربيع ...
صمت لحظة او لحظتين ....
ثم اردف يقول ...
"حينما يحل الشتاء....
وتغرب شمس الأصيل...
أغمض جفني ...
علني أنساك ...فأنسى هواك "

زمان


أبي ....
لما لم تقل لي ؟....
إن الحضارة تبنى
على نهود العذارى ...
و أننا نصلي بلا طهارة...
و أنا في محراب النهد أصلي ...
وأغتسل بالحضارة..
أبي .. يا أبي ...
لماذا كسرت المرايا ؟...
فصرنا نرى الأشياء نصفين ...
و الأسماء تعددت...
والوجه يا أبي ... صار وجهين ...
أبي ... يا أبي ...
لماذا الرجال قليل
ألأنك كسرت المرايا ...
أم لأننا ... ما عدنا نرى من زماننا ...
سوى الكل القليل
آه لو تدري ... أن قولك لي ...
قد أضحى قتيلا
و أن وجهي ....
لا زال يبحث في المرايا...
فمذ زمن غير بعيد ...
كنت يا أبي..
بين أحضانك, طفلا صغيرا ...
و مذ زمن.. كنت يا أبي ....
تلقنني طقوس العبادة ...
لأصلي في محراب النهد
واغتسل بالحضارة
ما عادت الأسماء تعنيني .
فالمعنى قد اضحى بلا معنى
وفقدنا الأشياء والاسماء و المعنى
وانت يا ابي
لا تصدق ان الحضارة تبنى
على نهود العذارى
ولا تصدق ان الرجال قليل...
وان زمانكم اليوم قد اضحى قتيلا
و جيلنا يهديكم كل يوم لونا
في طعم المرارة
***
سئمنا
من زمان على اعقابه تربعت العنكبوت..
وهذي الاجيال تعاقبت
وجاءتنا حبلى بالخريف
انوار الليل كاحلة
و شمس النهار تخشى الرحيل
و انا يا سادتي
صرت اخشاكم و أخشى النهار
و حبيبتي
من كحل عينيها
يولد نبي
و يولد طفل صغير
و من اعقاب زماننا ولدتم
و أقسمتم أمام الله بذبحي ...
فبزمان على أعقابه تربع العنكبوت قتلت
و ذبحتني اجيال حبلى بالخريف
وانوار الليل تأبى الضياء
وشمس النهار ما عادت هنا
و جاء نبي
يحمل الشمس بكفي
و بكى الطفل الصغير
فابكوا يا سادتي
وطهروا بدموعكم ذنب حبيبتي
وطهروا ذنب زمان ...
على اعقابه تربع العنكبوت ...

سؤال

جئناكم باسم الرب نسال..
عن أيادينا كيف كبلتموها...
وكيف جعلتمونا ننام ملء جفوننا
وفي قلوبنا لوعة واحتراق
وجئناكم نسال عن أسمائنا الأولى
وعن أجدادنا... وأمجادنا
وعن تاريخ عروبتنا
ونسأل عن بطولاتنا
و فتوحا تنا
و عن قدسنا
وما عادت لنا
و نسال عن صلاح الدين
وعن انتصارات العرب
و فتوحات العرب
وجئناكم نسأل عن قلوبنا كيف عميت؟
وكيف جعلتمونا ننام ملء جفوننا ؟
و في نفوسنا ألف سؤال
وكيف ننام
و في عروبتنا انهزامات
وفي فلسطين انتكاسات
وجئناكم باسم الرب نسأل
عن ضمائرنا كيف قتلتموها...
يا أيها العرب
و أينكم الآن في التاريخ
و أين العروبة فيكم وانتم أبناء العرب

مقالة رأي.

قراءة في قانون 28 أكتوبر 2006 المتعلق
بإعفاء الهبات بين الأسلاف و الأعقاب و بين الأزواج
من معلوم التسجيل النسبي



يتعلق القانون الجديد الصادر في 28 أكتوبر 2006 تحت عـ69ـدد بإعفاء الهبات بين الأسلاف و الأعقاب
و بين الأزواج من معلوم التسجيل النسبي ، و فيه تحدث المشرع صراحة عن هبة الرقبة و هبة حق الانتفاع في حين أن الكتاب الثاني عشر من مجلة الأحوال الشخصية حينما نظم الهبة ضمن الفصول من 200 إلى 213 لم يتعرض لا لهبة رقبة و لا لهبة انتفاع أنما عرف الباب الأول الهبة ضمن الفصل 200 من مجلة الأحوال الشخصية بكونها عقد بمقتضاه يملك شخصا آخر مالا بلا عوض ، و يمكن في الهبة أن تكون بعوض أي أن يفرض الواهب على الموهوب له القيام بالتزام ما دون أن يتجرد عن نية التبرع ، و في الباب الثاني حددت الفصل 201 إلى 206 من مجلة الأحوال الشخصية أركان الهبة و أولها التسليم و ثانيها الحجة الرسمية و في الباب الثالث تحدث المشرع ضمن الفصلين 207 و 208 م أ ش عن آثار الهبة في قيام مسؤولية كل من الواهب و الموهوب له ، وفي الباب الرابع تضمنت الفصول من 209 إلى 213 م أ ش أحكام الرجوع في الهبة و شروط ذلك .
و مبدئيا ،فإن قانون أكتوبر 2006 ، جاء ليتمم و ينقح معاليم التسجيل التي تخضع لها الهبات و بالضرورة فإن مجال تطبيق هذا القانون ينحصر في الهبات بين الأسلاف و الأعقاب و بين الأزواج ، وقد ظل المشرع التونسي يستعمل مصطلحي الأصول و الفروع في قانون الأحوال الشخصية حينما تحدث عن الفرع الوارث في مادة الميراث و عن الأصول في مادة النفقة ، لكنه استعمل هذه المرة مصطلحي الأعقاب والأسلاف على غير عادته و كأنه لم يقصد بهذين الاصطلاحين معنى الأصول و الفروع الذي يحمل إطلاق الأصل و إن علا و الفرع و إن نزل بينما الأعقاب و الأسلاف قد نفهم منها قصرا الأبوين و الأبناء أو الأبناء و أبويهم .
فمجال تطبيق هذا الق ينحصر في الهبات الحاصلة بين الزوجين أو بين الأبناء إناثا و ذكورا (و هم الأعقاب) و الأب و الأم (و هم الأسلاف) و هذا التمشي مرتبط بمفهوم العائلة التونسية العصرية المنحصرة في هؤلاء الأزواج
و الأعقاب و الأسلاف وهو ما ذهب إليه الأستاذ المحامي و المستشار الجبائي محمود مطير في مقاله الصادر بالمجلة القانونية عـ18/19ـدد .
إلا أن إدراة الجباية تتعامل مع النص على اعتبار أن معنى الأعقاب و الأسلاف لا يختلف عن مفهوم الأصول و الفروع و تخضع الهبات بين الأجداد و أحفادهم أي بين الأصول و الفروع مهما علا هذا الأصل أو نزل فرعه لأحكام القانون الجديد و تعفيها من معلوم التسجيل النسبي .
إن هذا القانون المتحدث عنه، لئن تضمن 5 فصول متممة و منقحة لمجلة معاليم التسجيل و الطابع الجبائي و لقانون المالية لسنتي 1981 و 2003 و لمجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين و الضريبة على الشركات إلا أنه تجاوز ميدانه الجبائي و جاء بمؤسسة جديدة ، ستنتج حتما آثارها على مستوى القانون المدني عموما و قانون الأحوال الشخصية خصوصا و هي مؤسستي هبة الرقبة و حق الانتفاع .
فما الجديد في قانون 28 أكتوبر 2006 المتعلق بإعفاء الهبات بين الأسلاف و الأعقاب و بين الأزواج من معلوم التسجيل النسبي ؟
سنحاول للإجابة عن هذا الإحراج تناول المسألة من زاويتين ، في مرحلة أولى سنتطرق إلى الجديد في مادة القانون الجبائي ( I ) لنتخلص من مستوى ثان إلى البحث عن آثار هذا القانون على مؤسسة الهبة في القانون المدني ( II ) .
I / الجديد في مادة القانون الجبائي :

على مستوى القانون الجبائي ، لا يطرح قانون أكتوبر 2006 إشكالية كبرى فهذا القانون كان واضح المعالم في إعفاء جميع الهبات الحاصلة بين الأزواج و بين الأعقاب و الأسلاف من معاليم التسجيل النسبي و التي كانت محددة في ظل التشريع القديم بالفصل 20 من مجلة التسجيل و الطابع الجبائي الذي ضبط معاليم التسجيل الموظفة على مختلف أنواع عقود الهبات المبرمة بين الأشخاص فتراوحت النسب بين 2.5 % بالنسبة لعقود الهبة المبرمة بين الأصول و الفروع و الأزواج و 5 % بالنسبة للهبات المبرمة بين الإخوة و الأخوات و 25 % للهبات المبرمة بين الأعمام و العمات و ينوهم و أبناء الإخوة و 35 % للهبات في ما غير ذلك.
و أدخل القانون الجديد تحويرا جوهريا على هذه المعاليم المستجوبة سواء على مستوى التسجيل أو ترسيم العقارات بإدارة الملكية العقارية أو في مستوى الأحكام المتعلقة بالضريبة على الدخل .

أ – الأحكام الجديدة المتعلقة بمعاليم التسجيل :

إن عقود الهبة -إذا كان أطرافها أعقابا و أسلافا أو أزواجا و مهما كان موضوعها أي سواء تعلقت بهبة منقولات أو عقارات أو حقوق عينية- أصبحت تخضع بمقتضى الفصل الأول من القانون الجديد المعلق عليه إلى معلوم تسجيل قار محدد بـ 15د عن كل عقد .
و هذا الإعفاء حسب ما يتضح من صريح النص يشمل كل هبات الأملاك سواء كانت هذه الأملاك منقولات أو عقارات بل تجاوز القانون الجديد ذلك ليشمل كل الحقوق العينية الأخرى كحق الانتفاع وحق الرقبة، فجميع هذه الهبات إذا كانت بين الأعقاب و الأسلاف أو بين الأزواج فهي تخضع بمقتضى هذا القانون إلى معلوم التسجيل القار المحدد بــ15 د عن كل عقد عوضا عن المعلوم النسبي المحدد سابقا بـ2.5 % ، فهذه الهبات لم تعد تدخل ضمن أحكام الفصل 20 العدد 16 من مجلة معاليم التسجيل و إنما أصبحت تدخل ضمن أحكام فصل 23 العدد 18 ثالثا من نفس المجلة و تبقى باقي الهبات خاضعة لمعلوم التسجيل النسبي.
و علاوة على ذلك فقد نص الفصل5 من القانون عـ69ـدد لسنة 2006 المعلق عليه على تنقيح أحكام العدد 10 من الفصل 20 من مجلة معاليم التسجيل بصورة تعفي الهبات المعنية (بين الأسلاف و الأعقاب و بين الأزواج) من المعلوم الإضافي إذ أصبح العدد 10 من الفصل المذكور لا يخضع لنسبة تسجيل إضافية بـ3 % إلا عقود العدول أو عقود خط اليد المتضمنة لنقل بمقابل لملكية أو ملكية رقبة أملاك عقارية أو لحق الانتفاع بهذه الأملاك أو التي لها مساس بالوضعية القانونية للعقارات و التي لا تنص على ما يثبت دفع معاليم التسجيل المتعلقة بآخر نقل بمقابل أو بوفاة و نلاحظ هنا أن التنقيح الجديد صار يتحدث عن النقل بمقابل، أي أن نسبة التسجيل الإضافية
بـ 3 %لم تعد تشمل كل النقل التي لم يقع التنصيص عن ثبوت انجرار الملكية العيني و هو بذلك أخرج عقود الهبة باعتبارها نقل بدون مقابل .

ب – الجديد في ترسيم هبات العقارات بإدارة الملكية العقارية :

أشار الفصلين 2 و 3 من قانون 2006 المشار إليه أعلاه إلى أن العقارات سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة تخضع هباتها- إذا كانت بين الأعقاب و الأسلاف أو بين الأزواج -إلى معلوم قار محدد بـ 100 د راجع لإدارة الملكية العقارية أو كمعلوم عن نقل و مقاسمة العقارات الغير مسجلة و ذلك عوضا عن المعلوم النسبي المحدد
بـ 1% قبل تنقيح 2006 حسب قانون المالية لسنتي 1981 و 2002

ج – الجديد في مجلة الضريبة على الدخل:

أضاف الفصل 4 من القانون عـ69ـدد لسنة 2006 إلى الفصل 28 من مجلة الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين و الضريبة على الشركات فقرة فرعية " تضبط سعر التكلفة فيما يتعلق بعمليات التفويت في أملاك موهوبة بين الأصول و الفروع و بين الأزواج على أساس قيمتها في تاريخ امتلاكها من قبل الواهب، و تحتسب مدة التملك في هذه الحالة ابتداء من تاريخ التملك من قبل هذا الواهب.
فمجلة الضريبة على الدخل تعتبر القيمة الزائدة العقارية المتأتية من إحالة العقارات سواء عن طريق البيع أو الهبة دخلا عقاريا.
و تحتسب القيمة الزائدة العقارية على أساس الفارق بين ثمن البيع من جهة و ثمن الشراء أو الهبة من جهة ثانية،
و هنا ، فإن القيمة التي تعتمدها مجلة الضريبة على الدخل في العقارات الموهوبة بين الأصول و الفروع و بين الأزواج تضبط على أساس القيمة في تاريخ امتلاكها و مدة تملكها من قبل الواهب.
و لا بد من الملاحظة أيضا أن الفصل الرابع من القانون عـ69ـدد لسنة 2006 عاد ليستعمل مصطلح
" الأصول والفروع" وكأن المشرع يستعمل هذين المصطلحين كمرادفين لمصطلحي" الأسلاف والأعقاب" وهو ما قد يجيب عما طرحناه من تساؤل في مقدمة هذا البحث.

II / آثار القانون عدد 69 لسنة 2006 على مؤسسة الهبة في القانون المدني :

في قراءة أولى لفحوى القانون عـ69ـدد لسنة 2006 ، نجده يتحدث عن هبات الأملاك بين الأسلاف
و الأعقاب و بين الأزواج بما في ذلك هبات ملكية رقبة أملاك عقارية أو حق الانتفاع بهذه الأملاك.
فالمشرع هنا يتحدث عن هبات الأملاك بما فيها من هبات لملكية الرقبة أو لحق الانتفاع .
أي أن المشرع لم يكتفي بالحديث عن هبة الملكية ككل بل جزءها إلى هبة الرقبة و هبة حق الانتفاع.
و بالرجوع إلى أحكام الهبة المنظمة ضمن مجلة الأحوال الشخصية في كتابها الثاني عشر ، نجده لا يعتمد هذا التقسيم، إنما تحدث عن هبة الملكية ككل لا يتجزأ.
و اعتبارا لكون الملكية تعني في مفهومها حق التفويت و حق الانتفاع الذي يتجزأ بدوره إلى حق في الاستعمال
و حق في الاستغلال.
إلا أن هذا التجزئة لحق الملكية و لئن أعتمدها المشرع في البيع فخول بيع حق الرقبة و بيع حق الانتفاع إلا أنه لم يعتمدها في مؤسسة الهبة . و لعلنا نتساءل هنا عن إمكانية اعتماد مثل هذه التجزئة في الهبة أمام خصوصية الأحكام المنظمة لها ؟
و الإشكال لا يطرح مبدئيا في هبة المنقولات لأن التجزئة لم تشمل سوى هبة الأملاك العقارية.

أ – هبة الرقبة كمؤسسة جديدة :

إن التعريف المبدئي لهبة الرقبة هي أن يهب الواهب عقارا للموهوب له لا ينتفع به إلا بوفاة الواهب.
إلى حد هنا ، تتزاحم في أذهاننا أسئلة عديدة سنحاول البحث فيها علنا نجد الإجابة عنها خصوصا وأن المشرع لا زال موقفه تجاهها مبهما و خال من كل وضوح .
أولى هذه المسائل ، مسألة التسليم في هبة الرقبة ، فالتسليم في الهبة يختلف عن التسليم في البيع باعتبار أن التسليم في البيع هو أثر من آثار عقد البيع بوصفه التزام محمول على البائع بعد إبرام عقد البيع صحيحا، بينما التسليم في الهبة هو ركن من أركانها و لا تصح الهبة بدونها، و يأتي الفصل201 من مجلة الأحوال الشخصية في باب أركان الهبة إذ ينص على أنه : " تتم الهبة بتسليم الشيء الموهوب إلى الموهوب له".
نلاحظ هنا أن المشرع استعمل مصطلح" تتم الهبة" بينما ورد بالفصل 204 من مجلة الأحوال الشخصية أنه "لا تصح الهبة إلا بحجة رسمية ".
فعبارتي "تتم" و "لا تصح" تستوقفنا لنتمكن من فهم مقصد المشرع من ذلك، و يبدوا واضحا أن تأكيد المشرع على أهمية الشكل في عقد الهبة حيث جعل من الحجة الرسمية شرط صحة اعتبارا لخصوصية الهبة التي فيها افتقار للواهب و إثراء للموهوب له.
أما ركن التسليم فقد جعله شرط تمام و ذلك طبقا للمذهب المالكي الذي يرى أن الحوز و التسليم في الهبة هما شرط تمام و ليس شرط صحة ، فالهبة تنعقد على وجه الصحة بمجرد توفر الإيجاب والقبول ، و من حق الموهوب له المطالبة بالشيء الموهوب فإن تراخى وتقاعس في طلبه حتى يفوت ذلك بموت الواهب سقط حقه في الهبة خلافا للمذهب الشافعي و المذهب الحنفي اللذان يشترطان في الهبة التسليم كشرط صحة بدونه تبطل الهبة .
و مهما يكن فان الاتفاق الحاصل بين جميع هذه المذاهب في كون الهبة لا تصح أولا تتم أو لا تملك أو لا تمضي إلا بالتسليم المادي للشيء قبل وفاة الواهب. وهو ما ذهب إليه المشرع التونسي في الفصل 201 من مجلة الأحوال الشخصية المذكور الذي ينص على أن »الهبة باطلة إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل التسليم و إن اجتهد الموهوب له في طلبه « .
فلو طبقنا أحكام هذا الفصل على هبة الرقبة التي لا يتم التسليم فيها إلا بعد موت الواهب لكانت باطلة.
إلا أن جانب من الفقه أثار مسألة التسليم ذاتها و اعتبر أنه يكفي في هبة الرقبة أن يكون التسليم قانونيا و لا يشترط أن يكون ماديا لأن التسليم المادي أو الحوز في هبة الرقبة تبقى مسألة مستحيلة تتناقض و مفهوم هبة الرقبة.
هنا لا بد من الرجوع إلى مفهوم التسليم في الهبة حيث ذكر الفصل 202 من مجلة الأحوال الشخصية أن " قواعد تسليم المبيع تنسحب على تسليم الموهوب فيما لا يتناقض مع طبيعة الهبة و قواعدها الخاصة" فالمشرع يقر هنا بالطبيعة الخاصة للهبة و بقواعدها الخاصة بها . و بالرجوع إلى قواعد التسليم في البيع نجد أن الفصل 522 م اع ينص على أنه "يتم التسليم إذا تخلى البائع عن المبيع أو صدر منه أو من نائبه إذن للمشتري في تسلم المبيع ، و مكن المشتري من حوزه بلا مانع ".
فالتسليم هو تخلّ كلّي عن الشيء الموهوب، أي خروج الموهوب من حوزة الواهب و انتقال ملكيته للموهوب له انتقالا ماديا.
و نعود هنا لنفرق بين التسليم و علاقته بانتقال الملكية في البيع و بين التسليم و علاقته بانتقال الملكية في الهبة ، إذ انتقال الملكية في البيع تكون بمجرد العقد و فيه نقصد التسليم القانوني بمقتضى هذا العقد ، أمّا عقد الهبة لا تنتقل فيه الملكية بمجرد التسليم القانوني، أي أنه يمكن للمشتري مطالبة الورثة بالتسليم إذا مات البائع ، لكن هل يمكن للموهوب له مطالبة ورثة الواهب بهذا التسليم إذا توفي الواهب قبل التسليم ، الإجابة هنا ستكون بالنفي، لأن البائع إذا تجرد عن صفة المالك بمجرد عقد البيع ، فإن الواهب لا يتجرد عن صفة المالك إلا بالتسليم المادي للموهوب .
و قد ذهبت محكمة التعقيب إلى ذلك في قرارها المدني عـ58753ـدد المؤرخ في 09 جوان 1998 حيث ذكرت أنها :" لا تكتفي بالعبارة المذكورة بالعقد بأن القبض قد تمّ ، ذلك أن تلك اللفظة أصبحت مألوفة في مثل تلك العقود ... فبالنسبة لعقود الهبة لا بد من إقامة الدليل على أن إرادة الواهب المعلن عنها بالعقد شفعت بعمل مادي يكون حجة على تسليم الواهب و مضيه في تنفيذ تلك الإرادة ".
و هذا الموقف لمحكمة التعقيب يتأكد لدينا بفهم إرادة المشرع لما خص عقد الهبة بالحجة الرسمية ذلك أنه يختص عدلا الإشهاد بإبرام عقد الهبة لأنهما مطالبان فيها بمعاينة التسليم و الحوز المادي للعقار الموهوب من قبل الموهوب له
و لابد لهما من التنصيص على ذلك صراحة ، أي لا بد لعدلي الإشهاد من التنقل على عين المكان للمعاينة الميدانية و الإشهاد بأن الواهب قد أخلى الموهوب من كل شواغله و أن الموهوب له قد حازه بمحضرهما ، و قد جاء القرار التع عـ4869ـدد المؤرخ في 29/12/1981 " الهبة من مستلزماتها حوز الموهوب حوزا فعليا " و لعل محكمة الاستئناف بتونس في قرارها عـ60517161287ـدد المؤرخ في 03 نوفمبر 1999 قد ذهبت إلى أبعد من ذلك باعتمادها " أن وضع يد الموهوب له على العقار الموهوب ضروري و شرط من شروط صحة الهبة " .
أما محكمة التعقيب في قرارها عـ11003ـدد الصادر في 21 ماي 1985 فقد رأت " أنه لا مانع شرعا من استثناء الواهب جزءا من هبته مدة حياته إن كان الثلث فأقل ثم بعد وفاته يرجع للموهوب له ."
و مهما يكن من أمر فالمسألة تبدو أكثر تعقيدا إذا ما توفي الموهوب له حق الرقبة قبل الواهب.
فهل يحق لورثة الموهوب له المطالبة بهذا الحق أي هل ستنتقل لهم هذه الرقبة بمقتضى الإرث ؟ و هل أن الملكية قد انتقلت لمورثهم بمجرد عقد هبة الرقبة ؟ ثم ألا يجوز للواهب هنا الرجوع في هبته ؟
ثم على ذكر مسألة الرجوع في الهبة ، فكيف سنتحدث عن رجوع في هبة الرقبة خصوصا وأن وفاة الواهب وإن اعتبرها التشريع الإسلامي مانعا للرجوع في الهبة إلا أن الفصل 212 من مجلة الأحوال الشخصية لم يوردها ضمن موانع الرجوع وأن الحكم الابتدائي الذي اعتبر وفاة الواهب مانعا للرجوع قد صدر قبل صدور القانون عـ17ـدد لسنة 1964 و الذي بموجبه تم إلحاق الباب 12 المتعلق بالهبة و الذي حصر حالات الرجوع في الهبة و هي 3 حالات : إما لجحود الموهوب له بمعنى الإساءة لأقارب الواهب مثلا ، فماذا لو توفي الموهوب له حق الرقبة و يثبت الجحود من طرف ورثته ، هل يمكن الرجوع في الهبة على هذا الأساس أو ماذا لو أساء الموهوب له لورثة الواهب ؟ و أما الحالة الثانية للرجوع في الهبة فهي إعسار الواهب ، فهل يجوز لورثة الواهب حق الرقبة في حالة إعسارهم بوفاة مورثهم المطالبة بالرجوع في الهبة؟ و أما الحالة الثالثة للرجوع في الهبة و هي ظهور طفل للواهب بعد الهبة، فهل أن ظهور هذا الطفل مباشرة بعد وفاة واهب الرقبة و سواء كان هذا الظهور بالولادة أو بالرجوع بعد غيبة، فهل لهذا الطفل الحق في المطالبة بالرجوع في الهبة ؟
و في محاولة فهمنا لفلسفة المشرع في تحديده لهذه الحالات الثلاث للرجوع في الهبة ـ اعتقد أن الرجوع في هبة الرقبة من قبل ورثة واهب الرقبة من المفترض إجازته إلا أن المشرع لم ينظم هذه المسألة إلى حد هذا اليوم.
ثم إن هبة الرقبة يمكن اعتبارها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بما أنها لا تنقص من الذمة المالية للواهب في قائم حياته ، تتحدد في هذا التعريف مع الوصية بقطع النظر عن إمكانية تفويت الموهوب له في حق الرقبة خلافا للوصية
و إذا كانت الوصية غير ممكنة لوارث فهل ستتحول هبة الرقبة إلى مؤسسة جديدة هي أقرب ما تكون إلى الوصية لوارث ؟
ألا يمكن القول بأن مؤسسة هبة الرقبة التي جاء بها القانون عـ69ـدد لسنة 2006 من شأنها أن تستدعي المشرع لمرجعة حساباته من جديد و تنظيمها ضمن مجلة الأحوال الشخصية ، ألم يكن حريّ بالمشرع أن ينظم هبة الرقبة مدنيا قبل أن ينظم آثارها جبائيا .
و كيف سنطبق القواعد المنظمة للهبة بمجلة الأحوال الشخصية على هبة الرقبة باعتبارها و قبل كل شيء هبة
و الحال أن جل هذا القواعد لا تنطبق أصلا.
فكيف لنا مثلا أن نطبق أحكام الهبة بعوض و التي تقوم معها مسؤولية للواهب حسب ما نظمته الفصول 207
و 208 من مجلة الأحوال الشخصية على مؤسسة هبة الرقبة إذا كانت بعوض ، وكيف لنا أن نتحدث عن مسؤولية الواهب للرقبة إذا كانت آثار هبته تلك لن تظهر إلا بوفاته ؟
أعتقد أن المشرع قد تسرع في سنه للقانون عـ69ـدد المذكور و اعترافه فيه بهبة الرقبة جبائيا قبل تقنيتها في النص العام صلب مجلة الأحوال الشخصية .
فهبة الرقبة إلى حد اليوم هي غير موجودة كمؤسسة قانونية في حين أن القانون الجديد لسنة 2006 المعلق عليه قد نظم آثارها جبائيا ، وكأننا بالمشرع قد جعل هبة الرقبة تحدث ملكية جبائية في ذمة الموهوب له وهي منعدمة في ذمته عينيا .
و لو ذهبنا إلى أبعد من ذلك لأمكننا القول بأن هبة الرقبة ، هي أصلا باطلة لوفاة الواهب قبل التسليم تطبيقا للفصل 201 من مجلة الأحوال الشخصية المشار إليه سابقا ، و باعتبارها كذلك فآثارها باطلة إعمالا لقاعدة ما بني عل باطل فهو باطل ، وما هو معمول به جبائيا في ترسيم هبة الرقبة عملا بما جاء بقانون 2006 يبقى نقطة استفهام في انتظار تدخل تشريعي لتوضيح المسألة .

ب – هبة حق الانتفاع و آثارها القانونية :

حق الانتفاع يمكن تعريفه مبدئيا بكونه حق عيني يشمل الاستعمال و الاستغلال دون التفويت. و هذا الحق يجوز التعامل فيه بالبيع و الهبة ، و جاء صلب القانون عـ69ـدد لسنة 2006 أنه إذا كانت هبة حق الانتفاع بالأملاك العقارية بين الأسلاف و الأعقاب وبين الزوجين فهي تخضع لمعلوم التسجيل القار المحدد بـ15 د عن كل عقد .
و هبة حق الانتفاع ، لا مانع فيها نظريا لأن ركن التسليم فيها قابل للانجاز و التحقيق الفعلي ، و قد اعتبر غالبية فقهاء الشرع و خاصة منهم أبو حنيفة و الشافعي و ابن حنبل أن هبة المنفعة جائزة لأن المنفعة بالشيء لا تتم إلا بتسليم رقبة ذلك الشيء ، أي بتسلم الشيء الموهوب كله لينتفع به الموهوب له طيلة حياته ثم يعود إلى الواهب ،
و قد ذهب إلى ذلك الأستاذ مصطفى بوعفيف حافظ الملكية العقارية في المقال الصادر له بالمجلة القانونية المؤرخة في فيفري 2007 .
و هبة المنفعة يسميها الفقهاء بـ"العمرى" لأنها لا تبقى إلا مدة عمر الموهوب له كأن يقول شخص لآخر " عمرتك داري" أي أعطيتك داري لتنتفع بها طول عمرك فإذا مات الموهوب له ، رجعت الدار إلى الواهب إن كان حيا أو إلى ورثته من بعده إن كان قد مات . و أما المذهب المالكي فانه لا يعتبر العمرى هبة إنما هي تمليك للمنفعة مدة حياة المعطى له.
و المشرع التونسي، و لئن خوّل هبة حق المنفعة مثلما نظم بيع حق الانتفاع إلا أنه لم يتفطن على ما يبدوا إلى ما قد تنتجه هذه المؤسستين من آثار سلبية في مستوى تجميد ملكية الرقبة.
فإذا ما وهب الواهب حق الرقبة لشخص ما، ثم وهب حق الانتفاع لشخص آخر، فالموهوب له حق الانتفاع يمكنه بدوره أن يهب حقه في الانتفاع لشخص ثالث باعتبار أن حق الانتفاع من الحقوق العينية القابلة للهبة و التفويت، ففي مثل هذه الحالة يصبح حق الانتفاع ينتقل من شخص لآخر و يصبح موضوع هبة بين الأسلاف و أعقابهم
و تجمد بذلك ملكية الرقبة في يد مالكها الذي يمكن أن يصبح بذلك ممنوعا من الانتفاع بهذا العقار ما دام حق الانتفاع و الذي هو في مثل هذه الحالة أهم بكثير من حق الرقبة خارجا عن طائلة يده

هراء

كل ليلة .... أعانق قطتي .....
احكي لها قصتي.... واروي على مسامعها
في كل ليلة ... عنوانا من عناويني ...
و في كل مرة .. ألقنها ...
كيف تكون الحياة عبادة ....
و كيف اكو ن او لا أكون
و اهمس لها في كل ليلة ...
بكلام في معنى الحياة ...
تموء قطتي ... وتشفق علي ...
فانا لا أصدق أن الحياة بلا معنى
ولا أصدق أنني حينما أعانق قطتي...
وحينما احكي لها قصتي..
وأروي لها عنوانا من عناويني ...
أكون حينها فقط عنوانا...
وحينها فقط ..تنام قطتي بين أحضاني ... وأنام ....